بين رسائل الأمس ورسائل اليوم

ـ1ـ
رسالة قديمةمجدليا في 24 نيسان 1926حبيبي آميل..
من بعد التحيّة والسّلام، إنّي أكلّمك بأجمل الكلام، يا أملي الوحيد، وزوجي العتيد، يا أيّها الصنديد، وآكل النحاس والحديد، يا داعس النجوم، وشارب الغيوم، إرحم حبيبتك زينوبْ، وابعث لها مكتوبْ، يُلَوّي القلوبْ.
هذا ما أردت تبيانه، في هذه الرسالة وإعلانه، لأنني أحبّك كثيرا، كما تحب العنزة الشّعيرا، وأكثر، حبّ خالتك أم أنور، للغمّة والمصران الأعور.
يا حبيبي آميل، بعدك القلب عليل، وفي لقياك الدواء، وفي شخيرك الهواء، فارجع إلى لبنان، يا عنتر الجفلان، وفارس الميدان، لنحصد البلاّن، ونقطف الريحان، ونقوّص القيقان.
سلّم على أبيك، واعطف على أخيك، وانتبه من النسوان، وخصوصاً الأميركان، كي لا أصبح مرحومة قبل الأوان، واكتب لي دائما، كي ترضى عليك السّما، وأم مخائيل، تقبّلك يا آميل، في وجنتيك الجميلتين، وإذا سمحت لها بقبلتين، قبّلتك مرتين، في كل أذن وعين.
البارحة ذهبت إلى الزاروب، وجلست تحت شجر الخرّوب، ورحت أفكّر فيك، وأتذكّر ماضيك، يوم كنت تجلس أمامي، مثل الصوص البالع حبّة قضامي، وتغني لي ميجانا، فأضحك منك أنا، ومن صوتك المخنوق، وكأنه صوت مطرب في حنكه خازوق.
تصوّر يا حبيب الروح، أن جدّتك أم ممدوح، وقفت لي بنصف الدرب، وقالت لي: يا بنت الكلب، ويا صفتك، ويا نعتك، لماذا تدندلين غرّتك، وابننا المحروس غائب، أوَتدرين كم يلاقي من المصائب، كي، لا سمح الله، يتزوجك، ويدلّلك ويغنّجك.
وحياتك يا أبا القامة الممشوقة، أنني كنت ألبس البشنوقة، وشعري تحتها غالل، رحمة الله على القائل: مربى الفتاة، لا يتغيّر مدى الحياة.
واسلم يا حبّوب، لحبيبتك زينوب.
ـ2ـ
رسالة نصف قديمةمجدليا في 17 نيسان 1953
دقّات قلبي خرستين..
من بعد بعيد، وشوق ما عليه من مزيد، جئت أطمئنّ عنكِ، وأخبرك أنني وضعت في البنكِ، مبلغ ألف وستمئة ليرة، وهذا كل ما تبقّى لي من ثمن الحظيرة.
كيف حال نيويورك يا خرستين، قولي الحقيقة من أحلى، أهي أم البساتين؟ أم تلّة الذهب الملآنة بالحساسين؟
ماذا أخبرك بعد، فأنا أكره السرد، والمكتوب إن لم يكن رزينْ، ما نفعه يا خرستين، فلا تلوميني إذن، إن لم أخبرك عن الفتن، التي عمّت البلاد، وأهلكت الزرع والعباد.
ولكنه بعونه تعالى، ستتحسّن الحالة، ويعود الازدهار إلى الديار، وخصوصاً في مطلع هذا العهد، الذي لا يفرّق بين سيّد وعبد.
موسم التفّاح هذا العام، مصاب بالقرحة والكتام، والعنب كلّه مضروب، والتين لا يحمل حبوبْ، والبقرة الحلوب أماتت عجلها، والجحشة السمينة فقدت بعلها، وابن المختار تزوّجْ، عقبى لنا عندما تفرج، ونلتقي من جديد، ونحقّق المواعيد.
لي وصيّة عندكِ، لا تتفرنجي وتتركي عادات جدّكِ، فتراثنا ثمين، يجب أن نحميه من تلويث الملوّثين، قولي معي: آمين.
ودمت لحبيبك تحسين.
ـ3ـ
رسالة حديثةمجدليا في 8 أيار 1971مون أمور فريدي..
انتظر حتّى أبصق العلكة، التي مع أسناني مشتبكة، في أعنف معركة، وكان بودّي أن أرسل لك هديّة، ولكنني، والحق أقول، من الدراهم خالية.
لماذا أصبحت بخيلا، ويدك من قلّة العطاء عليلة، لا تقل الواردات قليلة، فأنا أعرف هذه الحيلة.
إيّاك أن تنسى فرو الفأر الأبيض، الذي وعدتني به من زمان، ولا تنسَ خاتم المرجان، هذا إن نسيته فلسوف أمرض.
فوفو..
أتذكر ستيريو (لا فام)، يوم التقينا في الظلام، وأقسمت أنك لي، وأقسمت أنني لك، وقلت لي: أنتِ الأحلى، وقلت لك: أنتَ الأغلى، ومرّت الأيام، ونحن نلتقي، لنستقي، ماء الغرام.
أمس ذهبت إلى بيروت، وانتقيت أجمل (شورت)، ليتك كنت في لبنان، لتشاهدني به أزدان، وكأنني حوريّة أتت من بلاد الجان، صدّقني انّه أجمل من الميكرو ـ جيب، يا أغلى حبيب.
غداً، سأدعو بعض الأصدقاء، إلى حفلتَيْ رقص وعشاء، وخسارة أن لا تكون فيهما، وتلطّف جوّهما.
وأخيراً (أوريفوار)..
حبيبتك فيكتوار
الدبور البيروتية، العدد 2390، أيار 1971**