شويعر
البارحة اجتمعت بشاعر مشهور، فخفت منه بادىء ذي بدء، ورحت أقيس كل كلمة أنطقها بمقياس أطول من الكابل البحري، وفضائحه الملغومة. ولكنه ما أن فتح حنفية برميله الشعري، حتّى وجدته قزماً لا يستحقّ لقب شويعر، والدليل على ذلك هذه الأبيات الشعرية الموزونة بقشّة مكنسة، كما تفضّل وقال لي:
1ـ في وصف الطبيعة:
يا أيّتها الشجيجرات
ألله، ألله كم فيكنّ من جمال وروعة وحياة!
2ـ في وصف الأعمى:
يا صاحب العينين اللتين كنت تفاخر بهما البشريّة
عيناك، لست أدري، في أيّة سلّة للزبالة مرميّة
ولكن قمّة أعماله الشعرية الملأى بالأغلاط النحوية والإملائية، التي يعرفها ابن الصفّ العاشر، هو هذا البيت الذي يرثي به ميتاً لو لم يكن أطرش، خلقة ربّه، لقام من قبره، وأكله بدون ملح. قال لا فض فوه:
إنّ الطيورُ (بضمّ الراء)..
على القبورُ (بضمّ الراء)..
تغني وتقولُ:
رحمة الله عليك يا محمّد علي باشا الشمخرورو
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971
**
بيضةأم ربيز.. اختلفت مع كنّتها، فاجتمع على صوتيهما المرتفعين أهل القرية، وأخذوا يسخرون منهما، ويضرمون نار الحقد في نفسيهما، حتى وصل بهما الأمر إلى شدّ شعريهما، وشهر لسانيهما، وتصوير بعضهما بكعبيْ سكربينتيهما، وسبب الخناقة، كما عرفت، بيضة، كانت أم ربيز قد أعارتها إلى كنّتها منذ أسبوعين، لتطعم طفلها الجائع، ولم تتمكن الكنّة من إرجاعها.
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971
**
اليوغا الهنديةمنذ مدّة وأنا قابع في غرفتي، لا أقابل أحداً، فاشتهر أمري بين الكبير والصغير، وأخذ البعض بفبركة الأخبار عني. ولتدركوا كم هي مؤلمة، سأذكر على سبيل المثال بعضاً منها:
ـ البارحة طرد أمه، لأنه رأى ذبابة على أنفها.
ـ مسكين، لقد بقي طوال الليل الفائت يهذي ويصيح: الكوليرا، الكوليرا، يا وزارة الصحة، اطردي الكوليرا من لبنان.
ـ كيف يقدر رجل نحيل مثل هذا، أن يعيش مدة يومين متتاليين بدون طعام، اعتقاداً منه أن الطعام ملوث تلقائياً، نظراً لانتقاله من يد لأخرى.
ـ لا يشرب الماء إلا بعد غليها، فوزارة الموارد المائية والكهربائية عندنا لا تعتني بنظافة مياه الشفة، خوفاً على مصالح بعض الشركات التي تبيع المواطن مشروباً ملوناً، له رائحة تشبه إلى حد بعيد رائحة مياه عين الدلبة.
إلى هؤلاء الفضوليين أقول: صححوا معلوماتكم، فأنا لست بخائف من المياه القذرة لأنني اعتدت عليها منذ نعومة أظافري، ولا من الذباب، لأنني عاشرت البرغش وألفت لذعاته. حتى ولا من الكوليرا لأنني ملقّح ضدّها، بل كنت طوال تنسكي الجزئي، وابتعادي عن الناس، أمارس أو بالأحرى، أتعلّم فنّ اليوغا على الطريقة الهندية، لأن من لا يمارس اليوغا في هذا البلد العائش على أعصابه، مات حزناً وكمداً.
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971**
1ـ في وصف الطبيعة:
يا أيّتها الشجيجرات
ألله، ألله كم فيكنّ من جمال وروعة وحياة!
2ـ في وصف الأعمى:
يا صاحب العينين اللتين كنت تفاخر بهما البشريّة
عيناك، لست أدري، في أيّة سلّة للزبالة مرميّة
ولكن قمّة أعماله الشعرية الملأى بالأغلاط النحوية والإملائية، التي يعرفها ابن الصفّ العاشر، هو هذا البيت الذي يرثي به ميتاً لو لم يكن أطرش، خلقة ربّه، لقام من قبره، وأكله بدون ملح. قال لا فض فوه:
إنّ الطيورُ (بضمّ الراء)..
على القبورُ (بضمّ الراء)..
تغني وتقولُ:
رحمة الله عليك يا محمّد علي باشا الشمخرورو
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971
**
بيضةأم ربيز.. اختلفت مع كنّتها، فاجتمع على صوتيهما المرتفعين أهل القرية، وأخذوا يسخرون منهما، ويضرمون نار الحقد في نفسيهما، حتى وصل بهما الأمر إلى شدّ شعريهما، وشهر لسانيهما، وتصوير بعضهما بكعبيْ سكربينتيهما، وسبب الخناقة، كما عرفت، بيضة، كانت أم ربيز قد أعارتها إلى كنّتها منذ أسبوعين، لتطعم طفلها الجائع، ولم تتمكن الكنّة من إرجاعها.
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971
**
اليوغا الهنديةمنذ مدّة وأنا قابع في غرفتي، لا أقابل أحداً، فاشتهر أمري بين الكبير والصغير، وأخذ البعض بفبركة الأخبار عني. ولتدركوا كم هي مؤلمة، سأذكر على سبيل المثال بعضاً منها:
ـ البارحة طرد أمه، لأنه رأى ذبابة على أنفها.
ـ مسكين، لقد بقي طوال الليل الفائت يهذي ويصيح: الكوليرا، الكوليرا، يا وزارة الصحة، اطردي الكوليرا من لبنان.
ـ كيف يقدر رجل نحيل مثل هذا، أن يعيش مدة يومين متتاليين بدون طعام، اعتقاداً منه أن الطعام ملوث تلقائياً، نظراً لانتقاله من يد لأخرى.
ـ لا يشرب الماء إلا بعد غليها، فوزارة الموارد المائية والكهربائية عندنا لا تعتني بنظافة مياه الشفة، خوفاً على مصالح بعض الشركات التي تبيع المواطن مشروباً ملوناً، له رائحة تشبه إلى حد بعيد رائحة مياه عين الدلبة.
إلى هؤلاء الفضوليين أقول: صححوا معلوماتكم، فأنا لست بخائف من المياه القذرة لأنني اعتدت عليها منذ نعومة أظافري، ولا من الذباب، لأنني عاشرت البرغش وألفت لذعاته. حتى ولا من الكوليرا لأنني ملقّح ضدّها، بل كنت طوال تنسكي الجزئي، وابتعادي عن الناس، أمارس أو بالأحرى، أتعلّم فنّ اليوغا على الطريقة الهندية، لأن من لا يمارس اليوغا في هذا البلد العائش على أعصابه، مات حزناً وكمداً.
الدبّور البيروتية، العدد 2405، آب 1971**